بالرغم من ان التاريخ لم يذكر لنا الكثير عن ابائنا البطاركة الاولئل ونحن جميعاً على شغف لمعرفة كل ما دار فى عصرهم الا ان ما توفر من معلومات يجعلهم قدوة لنا فى الشدائد التى تواجهها المسيحية منذ بدايتها حتى الأن.
وبعد ان تحدثنا عن اول 11 بطرك فى الكنيسة الأرثوذكسية حان الان الحديث عن خاتم القرن الثانى من باباوات الاسكندرية وهو البابا ديمتريوس الاول المعروف بالكرام ولماذا الكرام؟ سوف اوضح لكم هذا.
نشأ بطركنا الثانى عشر فى الاسكندرية وكان فلاحاًَ بسيطاً لا يعرف القراءة او الكتابة, وكان اختياره للبطريركيه اختيار الهى, حيث ان ملاك الرب ظهر للبابا يوليانوس قبل نياحته فى رؤيا واعلمه ان من سيصبح بعده بطريركاً هو من سيأتى فى اليوم التالى حاملاً عنقود عنب وعندما تجده امسكه وصلى عليه.
وبعد ان قام البابا يوليانوس من النوم أعلم كل من حوله من اساقفة وكهنة بالرؤيا وفى نفس الوقت كان ديمتريوس يتفقد الكرمه الخاصة به (الكرم معناها فاكهة العنب وهى المكان المسقف الذى يتم فيه زراعته) فوجد عنقود عنب طرح فى غير اوان طرحه. فقام بقطعه وذهب الى بابا الاسكندرية الباب يوليانوس ليعطيه العنقود بعد ان هم لزيارة البابا المريض, وعند دخوله قال البابا "هذا بطريرككم بعدى" وكان هذا اليوم يوم نياحة بطركنا يوليانوس ثم اخذوا ديمتريوس عنوة ليصبح البابا رقم 12 فى الكنيسة الارثوذكسيةفى مارس 188م وكان اول بطرك متزوج.
اغلب الظن انه اصبح بطريركاً فى بداية الستينيات من عمره وهذا هو المرجح لانه اذا تزوج فى سن 15 واصبح بطريركاً بعد زواجه ب47 سنة اذا يكاد يكون عمره 42 عاماً وسر زواجه مبكراً هو وفاة عمه وبعدها قام والديه بتربيتة ابنة عمه الى ان اصبح عمرها 15 عاماً وقد زوجوها لديمتريوس ومنذ ذاك الحين وهم تعاهدوا على عيشة البتولية التى لا يعلم عنها احد الا هذين البارين والله.
وبالرغم من جهله بالقراءة والكتابة الا ان الله كشف عن عينيه فأستطاع تعلم الكتابة والقراءة والعلوم ايضاً وكان يجلس عند أقدام معلميه بالرغم من رتبته الرفيعة فى كنيستنا الارثوذكسية ويذكر ان الشعب كان يحب وعظاته كما قام بوضع حساب الابقطى وكلمة ابقطى يونانية معناها الباقى وهو حسابات لمعرفة عيد الفصح وعيد القيامة وبالتالى نستطيع استخراج مواعيد الاصوام على قواعد ثابتة وذلك لان المسيحيين كانوا يصومون صوم الاربعين المقدسة بعد الغطاس مباشرة وبعدها يصوموا اسبوع الآلام منفصل ليكون عيد القيامة بعد عيد الفصح اليهودى وكان هذا من الاخطاء الشائعة حتى تواجد حساب الابقطى.
وبعدها كتب البابا ديمترويوس الى كل من اغابيوس اسقف اورشليم ومكسيموس بطريرك إنطاكية وبطريرك رومية بحساب الابقطى ومنذ نهاية القرن الثانى حتى الان تعمل به هذة الكنائس ما عدا كنيسة رومية التى اتبعت الحساب الغريغورى منذ القرن السادس عشر.
وكان ابينا البطرك ديمتريوس عندما يقوم بتناول الشعب للأسرار المقدسة كانت لديه موهبة تجعله يرى السيد المسيح يدفع بيده من يستحق التناول اما من لا يستحق فكان يظهر له ذنبه ولا يسمح الانبا ديمتريوس لهذا الخاطئ بالتقدم لتناول الاسرار المقدسة الا اذا اعترف بخطيئته وتاب عنها ولذلك كان الشعب يهابه.
الا ان الشيطان يتحرك ويجعل بعض الاشخاص يقولوا من هذا المتزوج ليوبخنا ولذلك ظهر له ملاك الرب وكلب منه اظهار حقيقة بتوليته للشعب وفى الصباح بعد القداس طلب من الشعب عدم الخروج واخذ جمراً ووضعه فى ازار زوجته وفى بللينه وطاف الاثنين الكنيسة دون ان تحترق ثيابهما فتعجب الجميع من هذة المعجزة ووقتها افصح لهم عن بتوليته.
لقد عاصر البابا ديمتريوس الاول 9 حكام رومان وكانت فترتهم ازدهار للكنيسة فى مصر الا فى عهد الامبراطور سيبتيموس الذى اصدر منشور سنة 193 بقتل المسيحيين واليهود الذين لا يبخروا للأصنام ووقتها استشهد العديد من المؤمنين منهم القديسة بوتامينا وامها وتادرس الشرقى وباسيليدس الجندى كما تم ايضاً نفى البابا ديمتريوس الى مدينة "موسين" ويقال انه استشهد هناك بعد ان ظل يخدم شعب الكنيسة مدة 43 عاماً حتى وصل لسن 105 وتنيح بسلام فى اكتوبر سنة 230 م.
ونبدأ المرة القادمة فى ذكر باباوات القرن الثالث الميلادى والقاكم عما قريب.